في إطار المشاركة الفاعلة للمملكة المغربية في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى حول الهجرة، المنعقد تحت شعار “الهجرة في مفترق الطرق: حوار استراتيجي من أجل عالم يشهد تحولا”.
واستعرض الوزير بوريطة، خلال هذا اللقاء الدولي الهام، الرؤية الواضحة والمنسجمة التي تتبناها المملكة المغربية في قضية الهجرة والتي تسترشد بالتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرائد البارز لهذا الملف على مستوى الاتحاد الإفريقي.
أكد السيد بوريطة أن المغرب، بصفته بلد منشأ وعبور واستقرار للمهاجرين، يدرك تماماً الطابع المعقد والمتعدد الأبعاد لهذه الظاهرة ، وأوضح أن هذا الموقع المتميز هو ما جعل المملكة تدافع، دوماً، عن مقاربة إنسانية واقعية، تقوم على أسس التضامن وتقاسم المسؤولية والبحث عن حلول مشتركة ، وأشار إلى أن النجاح الملموس لنماذج التعاون الدولي، وعلى رأسها “الشراكة المغربية-الإسبانية النموذجية”، يثبت جدوى وفعالية المقاربة البراغماتية التي يتبناها المغرب.
سلط وزير الخارجية الضوء على أبرز المبادرات التي أطلقتها المملكة، والتي تحولت إلى أدوات عمل ملموسة على الساحة الدولية والقارية، ومنها:
– الأجندة الإفريقية بشأن الهجرة: التي تم المصادقة عليها من قبل الاتحاد الإفريقي، لتصبح الإطار القاري المرجعي الذي يرسم ملامح السياسات المشتركة لإفريقيا في هذا المجال.
-المرصد الإفريقي للهجرة: الذي يتخذ من العاصمة الرباط مقراً له، كأداة رصد وتحليل وإنتاج للمعرفة قائمة على الوقائع وليس الانطباعات.
– التنفيذ الثابت للميثاق العالمي من أجل هجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة: الذي تم اعتماده بمدينة مراكش سنة 2018، مؤكداً على التزام المغرب الراسخ بتحويل بنود هذا الميثاق إلى واقع ملموس.
-الشراكة النموذجية مع المنظمة الدولية للهجرة: والتي تمتد لأكثر من عقدين من العمل الدؤوب والمشترك.
حذر السيد الوزير من ثلاث مفارقات رئيسية تسم الواقع الراهن للتعامل مع قضية الهجرة على المستوى الدولي، والتي قد تعيق التقدم المحرز:
· المفارقة الأولى: تتمثل في تسييس قضية الهجرة واختزالها في شعارات إعلامية، في الوقت الذي يمثل فيه المهاجرون قوة اقتصادية واجتماعية أساسية تساهم في ازدهار مجتمعات الاستقبال وتنمية بلدانهم الأصلية عبر تحويلاتهم.
· المفارقة الثانية: تكمن في ضعف المنظومة متعددة الأطراف المكلفة بدعم جهود الدول، نتيجة للتباين بين ولايتها الواسعة ومحدودية الموارد المالية والبشرية المخصصة لها.
· المفارقة الثالثة والأخيرة: وهي ما وصفه بـ “مخاطر الاختزال”، حيث حذر من أن يتحول الاجتماع المقبل لمراجعة الميثاق العالمي للهجرة إلى مجرد “تمرين إجرائي” شكلي، عوض أن يشكل فرصة حقيقية لتقييم الإنجازات ومعالجة الثغرات وتوطيد الحكامة المنسقة عالمياً بشأن الهجرة.
في ختام كلمته، دعا السيد بوريطة المجتمع الدولي إلى تجاوز الخطاب التقليدي وتبني “واقعية جديدة” في التعامل مع الهجرة، تستلهم النماذج الناجحة للتعاون، مثل النموذج المغربي-الإسباني، وتعمل على تعزيزها، كما أكد على أن المغرب سيظل، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، شريكاً فعّالاً وبناءً في كل الجهود الرامية إلى إرساء حكامة عادلة ومتوازنة لهذه الظاهرة الإنسانية الكونية.